لربما كثيرون- وأنا منهم- حملوا سيف العتب علينا بسبب تأخرنا عن كتابة انطباعنا ورؤيتنا بشأن جولتنا في عاصمة العرب الخالدة الرياض، بدعوة من الهيئة السعودية للسياحة لمناسبة حضور الفعاليات المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب.
لقد تيقنت تماماً أن الإنسان النابغة يختزن في أعماقه مكامن إبداعية تفوق ما تمنحه الجغرافيا للبلدان، لأنه يسخّر ما منحه الله من إمكانيات إبداعية لخدمة أمته سواء على مستوى بناء الكوادر البشرية أو القيام بنهضة حقيقية.
الأمير محمد بن سلمان لا شك أنه هبة الله لأرض الحرمين، استطاع أن ينقل المملكة إلى مكانة يصعب على كثيرين قياس إحداثياتها، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
نعرف تماماً- كما يؤكد علماء الاجتماع والفلاسفة - أن الإبداع عمودياً في المجتمعات.. ولا يمكن أن يكون أفقياً، وإذا استطاع حاكم ما أن يفرض الإبداع ليكون أفقياً، فهذا يتطلب إرادة غير مسبوقة.. وهكذا كان، إنه الأمير محمد بن سلمان.
لا أبالغ أنني تفاجأت إلى حد الإبهار حين التقيت ورأيت وحاورت، فاقتنعت أن الإنسان يستطيع أن يهبط إلى أعماقه ليجد ما يمكن أن يبهر العالم.
حين وصلنا الرياض التي لم تغب عني لسنوات، انبهرت.. بل صدمت لحجم التغيير الحضاري الذي تجاوز ما كنت أعرفه عن هذه العاصمة التي لها مكانة خاصة في نفسي.
في البدء.. التقيت بمجاميع شبابية لا أدري كيف تم إعدادهم؟! شيء يفوق الوصف.. يتحدثون لغات عدة (باعتبار أن الضيوف كانوا يمثلون دولاً تتحدث بلغات مختلفة)، ولديهم إلمام بجميع إحداثيات رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030، كانوا على دراية بكل مشروع في المملكة.. وما أكثرها، قدموا شرحاً دقيقاً للمشاريع ابتداءً من الفكرة والإعداد.. الإيجابيات والسلبيات وكيف تم تلافي السلبيات وترسيخ الإيجابيات.. الخط البياني للإنجاز.. وتاريخ الافتتاح!
حين استمعنا للطاقات الشبابية التي تم إعدادها بشكل علمي مدروس تيقنت تماماً أنه لا مكان للكسل أو التهاون أو التراجع في عهد الأمير محمد بن سلمان.
لقد أحال الرياض إلى ورشة للإبداع.. الكل يحاول أن يقدم الأفضل لخدمة بلاد الحرمين.
وقد تساءلت عن سر هذا الاندفاع غير المسبوق في نجاح ورش العمل، فكانت الإجابة على النحو التالي: لا مكان للمجاملة أو المحسوبية أو التراخي أو تأجيل عمل اليوم إلى الغد! البيروقراطية التي ترفل بها الأجهزة الإدارية في كثير من الدول ليس لها مكان في عالم محمد بن سلمان.
أي مسؤول- مهما كان مسماه الوظيفي- يعبث أو يتراخى، في اللحظة يتم عزله ويحاسب.
نعم.. هكذا تبنى الأوطان، ليسجل التاريخ أن السعودية تسير بخطى متسارعة نحو بناء الدولة الحديثة.
ليس قليلاً أن يمنّ المولى عز وجل على أمة بقائد يحثك على أن تسبق الزمن، بل يجبر شعباً باختلاف انتماءاته العرقية والطائفية على أن ينسى تماماً الاحتقانات «التاريخية» ويتفرغ لإعمار وطنه.
هنيئاً لكم بهذا القائد التاريخي.